- إن من آيات الله البيّنة الباقية على ممرّ الأزمان في حرَم الله الآمن= أثر قدمي نبيه إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام في ذلك الحجر الكريم (مقام إبراهيم)، وقد جعل الله تعالى ذلك معجزةً له حين قام عليه، وهو حَجَر صلد؛ فَلاَنَ تحت قدميه حتى أصبح كالطين، وغاصت قدماه فيه، ثم لما رفع قدميه عنه خلق الله تعالى فيه الصلابة الحجرية مرة أخرى، وبقي أثرهما ظاهرًا فيه من ذلك العصر -من حوالي خمسة آلاف سنة- إلى يومنا هذا، إلى ما شاء الله تعالى.
وقد تغيّر أثر قدميه في ذلك الحجر عن هيئته وصفته الأصلية، حتى أصبح موضعهما حفرتان بقدر قدمين كبيرتين، وذلك بمسح الناس له بأيديهم خلال هذه القرون الطويلة؛ قبل وضع المقام في مقصورة تحجبه عن مسّ الناس له، حيث كان المقام مكشوفًا في الجاهلية وعدة قرون من عهد الإسلام.
وقد كان أثر أصابع وأخمص قدميه الشريفتين في الحجر واضحًا إلى زمن الصحابة رضوان الله عليهم.
ففي موطأ ابن وهب عن أنس رضي الله عنه قال: "رأيت المقام فيه أصابع إبراهيم وأخمص قدميه، غير أنه أذهبه مسح الناس بأيديهم" [فتح الباري (8/169)].
ويظهر من نص هذا الأثر أن أثر الأصابع وأخمص القدمين كان ظاهرًا، لكن كاد أن يمنحي بسبب مسح الناس للمقام، ولكن لم يذهب الأثر كليّة، فمن عاينه عن قرب شديد وأمعن النظر فيه ظهر له بعض ذلك الأثر.[فضل الحجر الأسود ومقام إبراهيم عليه السلام لسائد بكداش (112-113)].
- اختلف العلماء: في موضع مقام إبراهيم عليه السلام سابقًا على قولين، فذهب أكثر أهل العلم إلى أن موضعه في الجاهلية هو في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، إلا أن السيل ذهب به في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فردّه عمر إلى مكانه بمحضرٍ من المسلمين؛ بعد أن تأكد من مكانه السابق.[الكعبة المشرفة لمحمود الدوسري (177)].
عن ابن أبي مليكة قال: «موضع المقام هذا الذي هو به اليوم هو موضعه في الجاهلية، وفي عهد النبي، صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، إلا أن السيل ذهب به في خلافة عمر، فجعل في وجه الكعبة حتى قدم عمر فردّه بمحضر الناس» [أخبار مكة للأزرقي (2/ 35)].
- كانت الإمامة في مقام إبراهيم عليه السلام مختصة بالفقهاء الشافعية، وكانت الصلاة جماعة تتوحد في صلاة المغرب بإمامة إمام خلف المقام.[مقام إبراهيم عليه السلام لمحمد طاهر الكردي (308)].
-اتخذ مقام إبراهيم عدة أشكال من الخارج؛ حسب العصور المختلفة؛ محافظة عليه من عوامل الطبيعة؛ وعبث العابثين.[مقام إبراهيم عليه السلام لمحمد طاهر الكردي (301)].
- يشتمل مقام إبراهيم على عدّة آيات واضحات عجيبة ومعجزات باهرة؛ أظهرها الله سبحانه في ذلك الحجر الكريم، فهي آيات في آية، ومن هذه الآيات في مقام إبراهيم ما يلي:
1- أثر القدمين الشريفتين في الصخرة الصماء آية.
2- وغوصهما فيها إلى الكعبين آية.
3- وإلانة بعض هذا النوع دون بعض آية.
4- وإبقاؤه على مرّ الزمان آية.
5- وحفظه ألوف السنين من الأعداء مع كثرتهم وشدّة عدائهم آية.
6- وحفظه من عبادة المشركين له آية.
7- فيه دلالة قوية على قدرة الله تعالى، وهذه آية ودلالة على توحيد الله تعالى، لأنه جعل للحجر رطوبة الطين؛ حتى دخلت قدميه فيه، وذلك لا يقدر عليه إلا الله تعالى.
8- المقام معجزة لإبراهيم عليه الصلاة والسلام، ودليل على نبوته.
9- ومن آيات المقام= أنه لا تخلو لحظة من اللحظات من قائم وراكع وساجد خلف المقام؛ تحقيقًا لقوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، فسبحان الله المعبود الصمد على الدوام جلّ وعلا.[فضل الحجر الأسود ومقام إبراهيم عليه السلام لسائد بكداش (147-149)].
