1- البيت الحرام: هدىً للعالمين.
قال الله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِين} [آل عمران:96].
معنى كون البيت هدىً للعالمين: أنه بيان وإرشاد للناس -مسلمهم وكافرهم- على ربهم وخالقهم لما تضمنه من "الآيات البينات"، وقبلة ومنسك للمسلمين وطريق لهم إلى الجنّة.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وصفه بالمصدر نفسه مبالغة حتى كأنه هو نفس الهدى.[بدائع الفوائد (2/461)].
2- البيت الحرام: مبارك.
قال الله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِين} [آل عمران:96].
معنى كون البيت مباركًا: أن خيراته متعددة، وفضائله متكاثرة، منها ما يظهر أثره في الدنيا، ومنها ما يكون ذُخرا لصاحبه في الآخرة.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: إنه مبارك، والبركة: كثرة الخير ودوامه، وليس في بيوت العالم أبرك منه، ولا أكثر خيرًا، ولا أدوم وأنفع للخلائق.[بدائع الفوائد (2/461)].
3- البيت الحرام: مثابة للناس.
قال الله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا البيت مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً} [البقرة 125].
معنى كون البيت مثابة للناس: أن النّاس يترددون إليه بشوقٍ وبلا ملل، ويبذلون في سبيله أنفس ما يملكون، طلبًا للأجر والمثوبة ومحو السيئات، ولا ينصرفون عنه إلا وهم راغبون في العود إليه.[ينظر: تفسير السعدي (65)].
- يأتي شوق الناس للبيت استجابة لدعوة الخليل إبراهيم عليه السلام حين دعا -كما في قوله تعالى-: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} واستجاب الله دعاءه.
- قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ}: لو قال: أفئدة الناس لازدحم عليه فارس والروم، واليهود والنصارى، والناس كلهم، ولكن قال من الناس، فاختُصَّ به المسلمون.[تفسير ابن كثير (4/ 514)].
4- البيت الحرام: قبلة.
قال الله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة:144].
معنى كون البيت قبلة: أن المسلمين يتوجهون إليه في صلاتهم، ويوجّهون إلى جهته موتاهم.
قال ابن جرير رحمه الله: قوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}: يعني جاء ثناؤه بذلك، فأينما كنتم من الأرض أيها المؤمنون فحوِّلوا وجوهكم في صلاتكم نحو المسجد الحرام.[تفسير الطبري (3/ 182)].
5- البيت الحرام: قيام للناس.
قال الله تعالى: {جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ} [المائدة:97].
معنى كون البيت قيامًا للناس: أن به صلاحًا للناس في أمر دينهم ودنياهم، وقيامِهم إلى مقاصدهم في معاشهم ومعادهم؛ لما يتم لهم من أمر حجهم وعمرتهم وتجارتهم وأنواع منافعهم.
6- البيت الحرام: آمن.
قال الله تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا البيت مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً} [البقرة 125].
معنى كون البيت آمنًا: أن الله تعالى يحفظه من الزوال على مرّ العصور والدهور؛ إلى حين يأذن بقيام الساعة.
7- البيت الحرام: محرّم.
قال الله تعالى: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُون} [إبراهيم:37].
معنى كون البيت محرّمًا: المنع المطلق من أن يكون فيها ما يضاد صلاحها وصلاح ما بها من ساكن ودابة وشجر فيحرم فيها القتل، والصيد، واللقطة، وقطع الشجر وغيرها مما له حكمها.
قال ابن جرير في تفسير قوله تعالى: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} أي: عند بيتك الذي حرّمته على جميع خلقك أن يستحلوّه.[تفسير الطبري (17/ 24)].
8- البيت الحرام: طاهر.
قال الله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُود} [الحج: 26].
معنى كون البيت طاهرًا: أن يكون معلمًا للتوحيد، وأن يطهَّر من الشرك والكفر والبدع والأنجاس والقاذورات، وأن لا يسمح أن يكون عنده إلا ما وافق التوحيد والطهر.
قال الشيخ الأمين الشنقيطي رحمه الله: التطهير في قوله {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ} يشمل التطهير المعنوي والحسي، فيطهّره الطهارة الحسيّة من الأقذار، والمعنوية من الشرك والمعاصي.[أضواء البيان (4/ 297)].
وقال: يؤخذ من هذه الآية الكريمة: أنه لا يجوز أن يترك عند بيت الله الحرام قذر من الأقذار، ولا نجس من الأنجاس المعنوية ولا الحسية، فلا يترك فيه أحد يرتكب ما لا يرضي الله، ولا أحد يلوثه بقذر من النجاسات.[أضواء البيان (4/ 298)].
9- من أهم المقاصد التي وُضِعَ لأجلها البيت الحرام= للدلالة على الله والعلم به سبحانه:
قال الله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ..} [آل عمران: 96-97]، وقال تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المائدة: 97].
قال الواحدي رحمه الله: معنى كونه {وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ}: أنه قِبْلةُ صلاتهم، ودلالة على الله تعالى من حيث هو المدبّر له بما لا يقدر عليه غيره.[التفسير البسيط (5/ 442)].
وأخبر سبحانه في قوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ..}: أن القصد بجعل الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس= أن يُعرف بأسمائه وصفاته.[ينظر: الجواب الكافي (128)].
10- من أهم المقاصد التي وُضِعَ لأجلها البيت الحرام= لتحقيق عبادة الله عز وجل وإفراده بالتوحيد والعبادة:
قال الله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا} [الحج: 26].
قال ابن عاشور رحمه الله تعالى: ولا شك أن أول هيكل أقيم لتوحيد الله وتنزيهه وإعلان ذلك وإبطال الإشراك هو الكعبة التي بناها إبراهيم أول من حاج الوثنيين بالأدلة وأول من قاوم الوثنية بقوة يده فجعل الأوثان جذاذا، ثم أقام لتخليد ذكر الله وتوحيده ذلك الهيكل العظيم ليعلم كل أحد يأتي أن سبب بنائه إبطال عبادة الأوثان، وقد مضت على هذا البيت العصور فصارت رؤيته مذكرة بالله تعالى، فلا جرم أن يكون أولى الموجودات بالاستقبال لمن يريد استحضار جلال الربوبية الحقة.[التحرير والتنوير (2/ 32)].
11- من أهم المقاصد التي وُضِعَ لأجلها البيت الحرام= للطواف حوله وعمارته بدوام الطاعات:
- قال الله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29].
- وقال تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج: 26]
- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اِسْتَمْتِعُوْا بِهَذَا البَيْتِ فَقَدْ هُدِمَ مَرتين، ويُرْفَعُ في الثالثةِ"[أخرجه البزار وابن خزيمة وابن حبّان وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1451)].
- ورد عن عليٍّ رضي الله عنه أنه قال: استكثروا من الطواف بهذا البيت ما استطعتم، من قبل أن يحال بينكم وبينه.[رواه عبد الرزاق في المصنف (5/137)].
12- من أهم المقاصد التي وُضِعَ لأجلها البيت الحرام= لقصده بالحج والعمرة:
- قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97].
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أُمُه» [متفق عليه].
13- من فضائل البيت الحرام= أنه أول بيت وُضع في الأرض لعبادة الله تعالى:
- قال الله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِين} [آل عمران:96].
- وعن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قلت يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: "المسجد الحرام"..الحديث.[متفق عليه].
- قال الإمام الماوردي رحمه الله: لم يختلف أهل العلم أنه أول بيت وضع للناس للعبادة.[الأحكام السلطانية (242)].
- وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ..} [آل عمران:96]: فوصفه بخمس صفات: أحدها: أنه أسبق بيوت العالم وضع في الأرض. [بدائع الفوائد (2/ 45)].
14- من فضائل البيت الحرام= أن فيه آيات بينات:
- قال الله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِين * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} [آل عمران: 96-97].
- قال البغوي رحمه الله: ومن تلك الآيات: الحجر الأسود والحطيم وزمزم والمشاعر كلها.[تفسير البغوي (1/ 472)].
- قال الشوكاني رحمه الله: والآيات البينات الواضحات: منها الصفا والمروة، ومنها أثر القدم في الصخرة الصماء، وغير ذلك.[فتح القدير (1/ 415)].
15- من فضائل البيت الحرام
أن قاصده -منذ خروجه من بيته إلى وصوله إليه وطوافه به- يكتب الله تعالى له بكلِّ خطوة يخطوها حسنة؛ ويمحو عنه بها سيئة، ومما جاء في ذلك:
أ- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتب الله لك بها حسنة ويمحو عنك بها سيئة» [رواه عبدالرزاق في مصنفه، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (1360)].
ب- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإنك إذا خرجتَ من بيتك تَؤُمُّ البيتَ الحرامَ؛ لا تضعُ ناقتُك خُفّاً، ولا ترفعه؛ إلا كتبَ الله لك به حسنةً، ومحا عنك خطيئةً» [رواه البزار في مسنده، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1112)].
ج- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: "من طاف بهذا البيت أسبوعاً فأحصاه كان كعتق رقبة"، وسمعته يقول: "لا يضع قدماً ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه خطيئة وكتب له بها حسنة"[أخرجه الترمذي، وصححه الألباني في سنن الترمذي (959)].
د- عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإنَّ لك من الأجرِ إذا أَمَمْتَ البيتَ العتيقَ أن لا ترفع قدماً أو تضعَها أَنتَ ودابتُك؛ إلا كُتِبَتْ لك حسنةٌ، ورُفِعَتْ لك درجةٌ» [رواه الطبراني في الأوسط، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1113)].
16- من فضائل البيت الحرام= أن الإتيان إليه يُذهب الذنوب:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حجّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه» [متفق عليه].
فالخروج إلى الكعبة المشرّفة وقصدها= من أشرف الأعمال وأعظمها نفعًا، وأقربها إلى الله تعالى.
وكلُّ الأحوال التعبُّدية لله تعالى التي يخرج فيها العبد إلى الكعبة المشرفة -سواء كان لقصد الحج، أو العمرة، أو الزيارة- فيها مِنحٌ جليلة، وفضائل عظيمة.
ويرجع هذا الفضل إلى كون البيت منسوبًا إلى الله عز وجل، فهو بيت الله في الأرض، والوافد عليه الزائر له؛ إنما هو في حقيقة الأمر وافدٌ على الله تعالى زائرٌ له، وهو سبحانه أكرم مزورٍ وأعظم مسؤول، بابه لا يُغلق، وقاصده لا يندم، فلا يقتصر كرمه سبحانه على لحظة دخول الزائر بيته، وإنما بمجرّد خروجه من مكانه الذي هو فيه؛ قاصدًا البيت العتيق= أصبح في ضيافة الله تعالى، فكان الطريق إلى الله تعالى رفعًا لدرجاته؛ وحطّاً لخطاياه، وأُجّلت الجائزة الكبرى والمِنحة العظمى إلى رحلة العودة، فلا يعود من زيارته لبيت ربّه عز وجل إلا قد رجع كما ولدته أمه.[الكعبة المشرفة لمحمود الدوسري (57)].
17- من فضائل البيت الحرام= أنه يحتضن بين جنباته الحجر الأسود، وهو حجر من أحجار الجنة:
- عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نزل الحجر الأسود من الجنة، وهو أشد بياضا من اللبن، فسودته خطايا بني آدم» [أخرجه أحمد، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح (2577)].
- أخرج الحاكم في المستدرك أنه لمَّا ارتفع بناءُ البيتِ، ووصل إلى موضع الحجر الأسود، قال إبراهيم الخليل لابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام: >أبغني حجرًا أضعه ها هنا يكون للناس عَلَمًا يبتدؤن منه الطواف<. فذهب إسماعيلُ عليه الصلاة والسلام يطلب له حجرًا، فرجع فإذا بجبريل عليه الصلاة والسلام قد نزل بالحجر الأسود من الجنّة.[المستدرك (2/ 293)].
18- من فضائل البيت الحرام= أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى الاستمتاع به؛ قبل أن يُرفع، وذلك بالإكثار من الطواف حوله:
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اِسْتَمْتِعُوْا بِهَذَا البَيْتِ فَقَدْ هُدِمَ مَرتين، ويُرْفَعُ في الثالثةِ" [أخرجه البزار وابن خزيمة وابن حبّان وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1451)].
- ورد عن عليٍّ رضي الله عنه أنه قال: استكثروا من الطواف بهذا البيت ما استطعتم، من قبل أن يحال بينكم وبينه.[رواه عبد الرزاق في المصنف (5/137)].
19- من فضائل بيت الله الحرام= مضاعفة الحسنات عنده، وزيادة أجر العاملين بقرب هذا البيت العظيم، ومما يُضاعف أجره عند بيت الله الحرام= الصلاة:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه» [رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (1155)].
قال أبو بكر النقاش: فحسبت ذلك على هذه الرواية، فبلغت صلاة واحدة في المسجد الحرام= عُمْر خمس وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة، وصلاة يوم وليلة في المسجد الحرام -وهي خمس صلوات- عُمْر مئتي سنة وسبعين سنة وسبعة أشهر وعشر ليالٍ.[مثير العزم الساكن (1/359)].
فالصلاة وإن كانت هي المقصودة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمضاعفة أجرها إلى مائة ألفِ ضعف؛ فلا مانع من أن يشمل هذا الفضلُ من الله تعالى سائر الأعمال والعبادات والطاعات، فالمسجد الحرام هو بيت الله تعالى في الأرض، وزائره وافدٌ عليه سبحانه، فحقيق بهذا الوفد أن يكرِم الله تعالى وفادته، ويُحسن ضيافته، ويُسبغ عليه نعمته، فكان من إكرامِ وحسنِ ضيافته عز وجل أن ضاعف له الأجر، وعظّم له الجزاء.[الكعبة المشرفة لمحمود الدوسري (113-114) بتصرف].