تتعلق بالحِجر أحكام ومسائل فقهية عدة، منها:
1- وجوب الاعتقاد بأنه قطعة من بيت الله الحرام:
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحِجْرِ أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» [أخرجه مسلم (1333)].
2- استحباب الصلاة في الحِجر:
تُستحبّ الصلاة في الحِجر، ومن صلّى فيه فهو مصلٍّ في الكعبة نفسها؛ لأنه قطعة من الكعبة، ولما كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تُحبّ أن تصلي في الكعبة؛ أدخلها النبي صلى الله عليه وسلم الحِجر، وأرشدها أن تصلي فيه؛ لأنه قطعة من الكعبة.
فعنها رضي الله عنها قالت: كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأدخلني الحجر فقال (صلي في الحِجر إن أردت دخول البيت فإنما هو قطعة من البيت ولكن قومك استقصروه حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت) [أخرجه أحمد، والنسائي، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (2915)].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: صلوا في مصلى الأخيار، واشربوا من شراب الأبرار. قيل: ما مصلى الأخيار؟ قال: تحت الميزاب. قيل: ما شراب الأبرار؟ قال: ماء زمزم.[أخبار مكة للأزرقي (1/315)].
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: يُستحبّ الإكثار من دخول الحِجر، والصلاة فيه، والدعاء، لأنه من البيت أو بعضه.[المجموع (8/197)].
3- استحباب الجلوس في الحِجر:
لما كان الحِجر من الكعبة كان له من المكانة العظيمة والشرف العظيم، فهو أكرم المجالس وأشرفها على وجه الأرض، ولذلك كان الحِجر مجلسًا للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وكذا مجلسًا للتابعين من بعدهم.
جاء في قصة الإسراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينما أنا في الحطيم، - وربما قال: في الحجر - مضطجعا إذ أتاني آت..) الحديث.[أخرجه البخاري (3887)].
وجاء أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لقد رأيتني في الحِجر وقريش تسألني عن مسراي..) الحديث.[أخرجه مسلم (172)].
ففي هذا الحديث: اتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم الحِجر مجلسًا ومقامًا، وهو يريد صلى الله عليه وسلم أن يحدِّث الناس بما جرى له صلى الله عليه وسلم من المعجزات في تلك الليلة المباركة، ليلة الإسراء والمعراج، ذلك الحدث العظيم، وهو المكان نفسه الذي بدأ منه رحلته صلى الله عليه وسلم للإسراء والمعراج.
وهذا كله يدل على عظيم شرف الجلوس في الحِجر، ورِفعة ذلك المكان، وكبير قَدْره، حتى اتخذه النبي صلى الله عليه وسلم لبيان مهام الأمور، ولمَ لا، ومقدَّم الحِجر قطعة من الكعبة المشرّفة بيت الله العتيق، وباقي الحِجر هو بيت نبي الله إسماعيل عليه الصلاة والسلام، وبُقعة مباركة ملاصقة لبيت الله الحرام.[حِجر الكعبة لسائد بكداش (107)].
4- حكم الصلاة داخل الحِجر في المكان الذي هو جزء من الكعبة:
أما بخصوص صلاة النافلة فلا إشكال، وأما بخصوص صلاة الفريضة= فالخلاف فيه مبنيٌّ على الخلاف في حكم صلاة الفريضة داخل الكعبة؛ باعتباره جزءًا وقطعة منها.[انظر: الكعبة المشرفة لمحمود الدوسري (211)].
5- حكم الصلاة داخل الحِجر في المكان الذي ليس من الكعبة:
يُعتبر المكان الذي في الحِجر مما يلي الأذرع السبعة من مقدَّم الحِجر ليس من الكعبة، وعليه: فمن صلى فيه فرضًا أو نفلاً؛ فهو مصلٍّ في المسجد الحرام، له أجر المضاعفة المعروفة في المسجد الحرام، لكنه مصلٍّ يقينًا خارج الكعبة.[الكعبة المشرفة لمحمود الدوسري (213)].
6- حكم استقبال الحِجر وهوائه في الصلاة:
اتفق العلماء: على بطلان صلاة من استقبل الحِجر في القدر الذي هو ليس من الكعبة المشرفة.
واختلفوا: في جواز استقبال الحِجر في القدر الذي هو من الكعبة المشرفة؛ على قولين.
وصورة المسألة: أن يقف المصلي خارج الحِجر عند إحدى فتحتيه متعامدًا معها؛ مستقبلاً الحِجر وحده؛ دون الكعبة المشرفة.[الكعبة المشرفة لمحمود الدوسري (213)].
7- حكم الطواف من داخل الحِجر:
اختلف العلماء: في حكم الطواف من داخل الحِجر على أقوال.
والراجح: أن الطواف لا يصحُّ من داخل الحِجر، إذ الطواف من وراء الحِجر شرط لصحة الطواف.
وعليه: فمن دخل الفرجة التي بين الكعبة والحِجر؛ وخرج من الفرجة الأخرى؛ لم يصح طواف ذلك الشوط، ولم يعتدّ به.
دليل ذلك: قول الله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق} [الحج:29].
وجه الدلالة: أن الله تعالى أمر بالطواف بالبيت، والنبي صلى الله عليه وسلم بيّن أن الحِجر من البيت، فكان من الطواف بالبيت الطواف من وراء الحِجر.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: من طاف بالبيت فليطف من وراء الحِجْر.[أخرجه البخاري (3848)].
وقال ابن عيينة: أخبرني أبي أنه رأى هشامَ بنَ عبدِ الملك يطوف من ورائه، فأراد أن يدخل الحِجْرَ فيطوفُ فيه، فجذبه سالمُ بنُ عبد الله؛ حتى طاف من ورائه.[مصنف عبد الرزاق (5/57)].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ولا يخترق الحِجر في طوافه لما كان أكثر الحجر من البيت والله أمر بالطواف به لا بالطواف فيه.[مجموع الفتاوى (26/ 121)].