من المقاصد العظيمة للحجّ الارتباط بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام إبتداءً بإبراهيم عليه السلام وبنائه بيت الله المحرّم الذي عظّمه الله وصولا إلى نبيّنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمه لحرمة هذا البلد.
فيتذكّر الحاجّ عند تردّده في المشاعر وأدائه للشعائر تردُّدَ أولئك المطَهّرين في هذا البلد الذي حرّمه الله يوم خلق السموات والأرض ، وضبط حدوده بدلالة وإرشاد من جبريل عليه السلام ، وتنفيذ من الخليل إبراهيم عليه السلام.
وقد بقيت الحدود ثابتة على مرّ آلاف السنين، ليأمر بتجديدها سيّدنا محمّد صَلَّى عليه وسلّم. تلك الحدود التي يُعْتَبَرُ إحترامها سيْرًا على خطى سنّة الخليلين.
تعظيم المكان الذي حرّمه الله بحدوده المعلومة والمعرّفة إلى الآن بـ 1104 أعلام، وإجلاله هو إستجابةٌ لأمر الله ، وسيرٌ على خطى الخليلين، وإقتداءً بالأنبياء الذين اصطفاهم الله وبعثهم في الحقبة الفاصلة بين الخليلين.
فقد روى مسلم عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ رسول الله صلى الله عليه وسلّم ” بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَمَرَرْنَا بِوَادٍ .
فَقَالَ : أَيُّ وَادٍ هَذَا .؟
فَقَالُوا : وَادِي الأَزْرَقِ .
فَقَالَ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وَاضِعًا إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ لَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللَّهِ بِالتَّلْبِيَةِ مَارًّا بِهَذَا الْوَادِي”.
قَالَ ” ثُمَّ سِرْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى ثَنِيَّةٍ .
فَقَالَ : أَيُّ ثَنِيَّةٍ هَذِهِ .؟
قَالُوا : هَرْشَى أَوْ لِفْتٌ .
فَقَالَ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يُونُسَ عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ ، عَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ ، خِطَامُ نَاقَتِهِ لِيفٌ خُلْبَةٌ ، مَارًّا بِهَذَا الْوَادِي مُلَبِّيًا”.