إن محبة مكة المكرمة وتعظيمها هو من تعظيم شعائر الله ، والشعور بهذا التعظيم والعيش معه لا يكون إلا بذكر فضائلها وأهميتها ورفعتها عند رب العالمين، وإلا كيف يعظم المرء شيئاً وهو لا يعرف خصائصه واسباب تعظيمه .
وفي المقابل حذر سبحانه وتعالى قاصدي البيت الحرام ، من زوار وعمار وحجاج ، وحتى ساكني البلد الحرام مكة المكرمة من العبث فيها والاستهتار بكرامتها والتهوين من تعظيمها ..
لقد شرّف الله جلّ جلاله مكة أيما تشريف ، وجعلها أم القرى وقبلة المسلمين كافة أينما كانوا على وجه هذه البسيطة.
وجعل لها من العظمة والمكانة والحرمة مايوجب على كل مسلم أن يؤمن بهذه المكانة .. وبهذا التعظيم ، وأن يقدّرها حقّ قدرها .
ويزداد الأمر تحذيراً وتأكيداً على كل وافد إلى المسجد الحرام أن يلتزم بآداب الإقامة بها ، ولا يخلّ بشيء من ذلك حتى لايقع في المحذور وهو لا يشعر .. لأن تعظيم المرء لها إنما يكون من باب التعظيم لله الواحد الأحد وتعظيم شعائره ، وهذا التعظيم أصل عظيم وهو من الثوابت في ديننا العظيم .
لذلك فكان لزاماً علينا ان ننتبه إلى ذلك وعدم المساس بالبلد الحرام وبحرم مكة المكرمة بيت الله الحرام، وعدم تخريب حسن الجوار بسوء الأدب أو التقصير في توقير بيت الله أو في تعظيم النسك الذي قُطعت المسافات من أجله.
لقد جعل الله عز وجل مكة البيت الحرام قيامًا للناس وجعل أفئدة من الناس تهوي إليه في كل وقت، على مدار العام .
وقد جعل سبحانه وتعالى في شريعته الغراء ما يكون سياجًا يميّز هذه البقعة عن غيرها ، وابرز لها الفضل عن ما سواها ، وأودع في شريعته لهذا البلد من الفضل والمكانة ما لم يكن في غيره ، فتعددت فيه الفضائل وتنوّعت حتى صار من فضائل مكة أن سمّاها الله أم القرى وهو فضل لا يضاهيه فضل ، حيث جعل جميع هذه القرى تتبع لها وتقصدها وتؤمها في كل صلاة ، فهي قبلة أهل الإسلام في الأرض أجمع ليس لهم قبلة سواها.
ومن تعظيم الله سبحانه وتعالى لمكة المكرمة ان جعلها مهبط الوحي .. ومسرى خاتم الأنبياء ، وقد عظم وضاعف فيها الحسنات ، وجعل لها ولساكنيها وزائريها ميزة مضاعفة أجر الصلوات فيها إلى مائة الف ضعف عن أي مكان آخر، حيث ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله ( صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في ما سواه إلاّ مسجد الكعبة ).
فتعظيم البلد الحرام من العبادات الجليلة التي تعبدنا الله عز وجل بها .. وأمرنا بها ، وبين لنا الطرق الكثيرة التي تمكننا من التعظيم من خلالها ، وأوضح لنا الأجور المترتبة على ذلك .. وبين لنا في المقابل العقوبة والآثار المترتبة بعدم التعظيم ، وارتكاب المحرمات وإتيان المعاصي في هذا البلد العظيم .
فسبحان من جعل لنا هذا البلد العظيم أمناً وأماناً ومثابة لنا ، وجعل محبته في قلوبنا من الفطرة السليمة ، بل ونؤجر عليها في ديننا.
فالحمدلله رب العالمين .