لِلّه عزّ وجلّ على خلقه حقوقًا، هي واجبات على الناس الذين تتوفّر فيهم شروط الإستجابة. ومن بين هذه الحقوق الربانيّة والواجبات الإنسانيّة حجّ البيت، مصداقًا لقوله سبحانه وتعالى:” ولِلّه على النَّاسِ حِجُّ البيتِ من استطاعَ إليهِ سبيلا ومن كفر فإنّ اللهَ غَنِيٌّ عن العالمين”( آل عمران،97).
فالقصْدُ والتوجُّه إلى البلد الحرام والبيت المعظَّم حقٌّ لله على عباده. وقد أمَر عزّ وجلّ بالتوجّه إلى المكان الذي حرّمه وعظَّمه يوم خلق السماوات والأرض وفضَّله على سائر الأمكنة والبلدان، ليتذّكر الناس ما أنساهم الشيطان من أنّ تعظيم البلد الحرام إنَّما هو إستجابةٌ لمراد الله الذي وصف نفسه بأنّه ربّ البيت (قال تعالى:”فليعبدوا ربّ هذا البيت” قريش،3) والذي نسب البيت إلى نفسه ( ” وطهِّر بيْتي للطائفين والقائمين والرُكّع السجود” الحج،26).
إنّ الوعي بخصوصيّة المكان وتميّزه وإمتيازه عن كلّ بقاع الدنيا يُعدُّ ضروريًّا لإدراك المقاصد الكبرى الحجّ. فالحاجّ يؤدّي الأفعال المخصوصة لهذا الركن العظيم في مكان مخصوصٍ معظّمٍ ومحرَّمٍ. ومن حقوق الله على العبد أنْ يُعظُّم حرماته وشعائره حتّى تتحقّق تقوى القلوب المُتطهّرة من الأصنام الماديّة والمعنويّة ومن كلّ المستقذرات الحسيّة وغير الحسيّة.
ومجمل القوْل، أنّه من حقِّ الله على العبد أن يزور المكان الذي عظّمه وحرّمه، وأن يدرك أنّ للبلد الحرام مكانةً مخصوصة عند الله، وأنّ الطهارة الحسيّة والمعنوّية شرطٌ لإجلالِ الذي يخلق مايشاءُ ويختار ولتحقُّقِ تقوى القلوب.