قسم الطب و التداوي
كتم الإصابة بالمرض، وعدم إشعار الجهات المختصة به
إن من المقاصد التي جاءت بها الشريعة المحافظة على النفس واتخاذ التدابير اللازمة لذلك سواء كانت وقائية أو علاجية لا سيما عند انتشار الأمراض والأوبئة التي قد يؤثر وقوعها إن حصلت على صحة الإنسان وحياته وصحة وحياة من حوله.
لذا كان من التوجيهات الشرعية عند وقوع الأمراض الوبائية الابتعاد عن المصاب وألا يورد ممرض على مصح.
لذا فإنه يتعين على من كان به مرضًا معديًا أن يصرح للجهات المختصة بذلك، ولا يكتمه، خاصة إذا أكدت عليه جهات الاختصاص بضرورة الإفصاح عن ذلك إذا ترتب على كتمانه للمرض مفسدة.
وأن يتقيّد بالتعليمات التي تُرسلها الجهات المختصّة سواءً لنفسه أو لغيره.
فإخفاء المرض من أنواع الصبر على المصيبة، وشكوى الله سبحانه وتعالى وحده دون غيره، إلا أن يكون للمرض ضرر يتعدّى به على غيره، فهذا لا بد فيه من الإخبار، حتى لا ينتقل لمن يُخالطه.
ومن أخفى إصابته بفيروس كورونا (مرض معدي) يعتبر خائن لنفسه ولله سبحانه وتعالى ولوطنه، قال تعالى : {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [سورة البقرة: 195]، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه ابن عبد البر في التمهيد: "يا أيُّها الناسُ تداوَوْا فإنَّ اللهَ لمْ يخلقْ داءً إلا خلق لهُ شفاءً".
فمن الضروري أن يبلغ المصاب عن إصابته حتى لا يصاب غيره به، للحديث النبوي الشريف الصحيح: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". رواه البخاري.
فيجب الإفصاح عند الإصابة "بفيروس كورونا"، و يجب على كل من أحس بأنه قد أصابه هذا الوباء، أو أنه كان في بيئةٍ موبوءةٍ وخرج للضرورة، أن يخبر الجهات المسؤولة بحاله، وإذا أخفى ذلك فقد ارتكب جريمتين؛ جريمة الكذب والإخفاء والتدليس، وجريمة التسبّب في إضرار الأخرين وانتشار الأوبئة، وكل من يصيبه هذا المرض بسببه يتحمل قسطه من الإثم والعدوان، قال صلى الله عليه وسلم: "الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ" رواه البخاري، فالمسلم الحقيقي يحب لأخيه ما يحبه لنفسه، ويكره له ما يكرهه لنفسه.