شارك

قسم المعاملات

حكم الغرامة المالية على مخالفة الإجراءات الاحترازية التي أمر بها ولي الأمر عند انتشار الأوبئة

شارك

مع انتشار وباء كورونا في دول العالم صدرت الأوامر من ولي الأمر حفظه الله بتنفيذ إجراءات وتدابير احترازية لمنع انتشاره؛ حفاظًا على سلامة المواطن والمقيم، وفُرِضت غرامات مالية من الجهات المعنية لمخالفة هذه الأوامر، وهي:

  • غرامة 10.000 ريال على مخالفة منع التجول على كل فرد مخالف.
  • غرامة تصل إلى 3 ملايين ريال على نشر الشائعات، أو إنتاج ونشر ما فيه مخالفة لمنع التجول أو التحريض عليه، (م6 نظام جرائم المعلوماتية).
  • غرامة تصل إلى مليون ريال إذا كان في المنتج التجاري المغشوش مضرّة بصحة الإنسان (م18 نظام مكافحة الغش التجاري).
  • غرامة إساءة استغلال الوضع بتعليق بيع السلع أو تقليل الكميات المتاحة تصل إلى 10% من إجمالي قيمة المبيعات السنوية محل المخالفة، أو بما لا يتجاوز 10 ملايين عند استحالة التقدير، (م6، 19 نظام المنافسة).

وهذه الغرامات تتفاوت في مقدارها حسب نوع المخالفة، وقد ترتفع بعضها عند التكرار، فما حكم هذه الغرامات؟
الصحيح والله سبحانه وتعالى أعلم: جواز التعزير بالمال، وأن تقديره من صلاحيات ولي الأمر؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن ذلك ما رواه أبو داود والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ؟ فَقَالَ: "مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ"، قال الألباني: حسن، وكما فعل الصحابة رضي الله عنهم ذلك.
وقد أفتت اللجنة الدائمة بجواز التعزير بالمال لتحقيق المصلحة العامة.

قال ابن القيم رحمه الله: "ثم لما كانت مفاسد الجرائم بعد متفاوتةً غير منضبطة في الشدة والضعف والقلة والكثرة ،.. جُعلت عقوباتها راجعة إلى اجتهاد الأئمة وولاة الأمور، بحسب المصلحة في كل زمان ومكان، وبحسب أرباب الجرائم في أنفسهم، فمن سوّى بين الناسِ في ذلك وبين الأزمنة والأمكنة والأحوال لم يفقه حِكمةَ الشرع". أ.هـ

وفي الوقت الراهن، ومع ضرر انتشار وباء كورونا، فإن مشروعية هذه الغرامات المالية على مخالفة الإجراءات والتدابير الاحترازية تحقق المصالح العامة؛ وتراعي المقاصد الشريعة في حفظ النفس والمال، ودفع الضرر، وعملاً بالسياسة الشرعية في تدبير أمور الناس وتحقيق مصالحهم، وحمايتهم، ولأن: "التصرف على الرعية مَنُوطٌ بالمصلحة"، فإن هذه العقوبات من سلطة ولي الأمر في تحقيق المصلحة العامة، بردع وزجر من يوقع الضرر بأفراد المجتمع، إما بتعمد نقل العدوى، أو الكذب والترويع، أو الغش والخداع، أو التحريض على عصيان ولي الأمر، والإساءة لجهود الدولة في هذه الأزمة، حيث إنه مع كبر مساحة المملكة، وكثرة عدد السكان، يصعب ضبطهم في هذه الأزمة إن لم نقل بجواز فرض الغرامات المالية على المخالفين.

جاء في المادة 62 من النظام الأساسي للحكم: "للملك إذا نشأَ خطرٌ يهدد سلامة المملكة، أو وحدة أراضيها، أو أمن شعبها ومصالحه، أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء مهامها، أن يتخذ من الإجراءات السريعة ما يكفل مواجهة هذا الخطر، وإذا رأى الملك أن يكون لهذه الإجراءات صفة الاستمرار، فيتخذ بشأنها ما يلزم نظاماً".

رابط مراجع تلخيص المسألة