قسم المعاملات
حكم احتكار السِّلَع والتسعير وقت انتشار الأوبئة
الاحتكار: الاحتكار هو حبس مال أو منفعه أو عمل، والامتناع عن بيعه وبذله حتى يغلو سعره غلاءً فاحشاً غير معتاد، بسبب قلته، أو انعدام وجوده فى مظانه، مع شدة حاجة الناس أو الدولة أو الحيوان إليه.
حكم الاحتكار: يُحرم احتكار كل ما يحتاج إليه الناس من السلع -سواء كانت السلع طعامًا أو موادا طبية -خاصة في وقت الأزمات وانتشار الأوبئة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ" رواه مسلم.
والاحتكار فيه إضرار بالمسلمين، ومخالفة لولي الأمر.
أما التسعير: فهو تحديد ثمن سلعة أو عدّة سلع بسعر معين من قبل ولي الأمر، أو من ينوبه من الجهات المختصة، على البائعين الالتزام به.
قال ابن القيم رحمه الله: (.. وأما التسعير؛ فمنه ما هو محرم ومنه ما هو عدل جائز، فإذا تضمن ظلم الناس، وإكراههم بغير حق على البيع بثمن لا يرضونه، أو منعهم مما أباح الله لهم فهو حرام، وإذا تضمن العدل بين الناس مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ الزيادة على عوض المثل فهو جائز، بل واجب).
حكم التسعير: إذا كانت الحاجة لا تدعوا إلى التسعير فهو غير جائز، ولا ينبغي لولي الأمر أن يفعله.
أما إذا اقتضت المصلحة والعدل التسعير لمعالجة آثار غلاء الأسعار، فإن واجب ولي الأمر أن يفعل ذلك، ولكن يجب أن يحقق هذا السعر العدالة، وأن لا يكون مجحفًا بأحد الطرفين: البائع والمشتري، وأن لا يدخل على أحدهما الضرر، وبذلك يتحقق السعر الصالح الذي يسمح بعلاقات أخوية بين البائع والمشتري.
وعليه فإن حرمة الاحتكار تتأكد في زمن الفايروس والحظر الناتج عنه، لأن حاجة الناس في هذا الوقت تكون أكثر للسلع، ومن ثم فإن المحتكر في هذا الزمن أشد إثمًا منه في غيره من الأزمان العادية؛ لأنه إن كان الاحتكار حرامًا وصاحبة متوعد بالعقوبة الشرعية وكذا القانونية في الأزمان العادية؛ فهو أشد حرمة ومؤاخذة في الأزمنة التي حلت فيها ظروف طارئة كالجوائح والأوبئة ونحوها. وكذا يقال في التسعير؛ إنه إن جاز من الدولة في الأحوال العادية؛ فهو أولى بالجواز في الأحوال الاضطرارية؛ لأنه أضبط للناس عن التلاعب في الأسعار في زمن أحوج ما يكون الناس فيه للسلعة بثمنها المعتاد؛ نظرًا لحاجتهم المادية ونحو ذلك.
رابط مراجع تلخيص المسألة