قسم العبادات
مشروعية قلب الكفين عند الدعاء لرفع الوباء
يستحب رفع اليدين في الدعاء، ودليل ذلك: ما رواه مسلم عن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: " حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: (اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ)، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ ... " الحديث.
قال النووي رحمه الله: "فِيهِ اسْتِحْبَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ في الدعاء، ورفع اليدين فيه".
ورفع اليدين عند الدعاء له ثلاث حالات:
الأولى: عند الدعاء العام، ويسمى المسألة.
وصفته: أن يرفع يديه حذو منكبيه أو نحوهما، ضامًّا لهما وبطونهما نحو السماء، وإن شاء قنَّع بهما وجهه وظهورهما نحو القبلة.
ودليل ذلك: ما رواه أبو داود عَنْ مَالِكِ بْنِ يَسَارٍ السَّكُونِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ، وَلَا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا)، قال الألباني: حسن صحيح.
الثانية: رفع سبابة اليد اليمنى حال التشهد في الصلاة، وعند الذكر والدعاء حال الخطبة على المنبر.
ودليل ذلك: ما رواه مسلم عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ رضي الله عنه أنه: رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ رَافِعًا يَدَيْهِ، فَقَالَ: (قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذَا: وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ)، وما رواه أبو داود والنسائي عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: (مَرَّ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَدْعُو بِأُصْبُعَيَّ، فَقَالَ: أَحِّدْ، أَحِّدْ. وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ) صححه الألباني في "صحيح أبي داود".
الثالثة: عند الابتهال، وهو المبالغة في المسألة، كحال الجدب، وعند النازلة، ونحو ذلك من أحوال الشدة.
وصفته: أن يرفع يديه ماداً لهما كأن ظهورهما إلى السماء، حتى يرى بياض إبطيه.
ودليل ذلك: ما رواه مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْقَى، فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "أما الدعاء بظهور الأكف: فقد اختلف أهل العلم فيه، لأنه ورد في صحيح مسلم ما ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بظهور كفيه في الاستسقاء، ولكن الظاهر ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أن الدعاء كله ببطون الأكف، ولكن الراوي ذكر أن ظهور كفي الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السماء، لأنه صلى الله عليه وسلم بالغ في الرفع فظن من يراه أنه جعل ظهورهما نحو السماء، وليس المعنى أنه دعا بهما مقلوبتين، وهذا هو الأقرب" والله سبحانه وتعالى أعلم.
رابط مراجع تلخيص المسألة