قسم الطب و التداوي
التوفيق بين قوله صلى الله عليه وسلم: "لا عدوى"، وبين قوله صلى الله عليه وسلم: "وفرّ من المجذوم فِرارك من الأسد"
يقول الشيخ بن باز رحمه الله: (لا منافاة عند أهل العلم بين هذا وهذا، وكلاهما قاله النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء ولا غول" رواه البخاري ومسلم، وذلك نفي لما يعتقده أهل الجاهلية من أن الأمراض كالجرب تعدي بطبعها، وأن من خالط المريض أصابه ما أصاب المريض، وهذا باطل، بل ذلك بقدر الله سبحانه وتعالى ومشيئته، وقد يخالط الصحيح المريض المجذوم ولا يصيبه شيء كما هو واقع ومعروف؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن الإبل الصحيحة يخالطها البعير الأجرب فتجرب كلها، قال له صلى الله عليه وسلم: "فمن أعدى الأول؟". رواه أحمد، والألباني في السلسة الصحيحة.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "فر من المجذوم فرارك من الأسد" رواه البخاري ومسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: "لا يورد ممرض على مصح" رواه البخاري ومسلم، فالجواب عن ذلك: أنه لا يجوز أن يعتقد العدوى، ولكن يشرع له أن يتعاطى الأسباب الواقية من وقوع الشر، وذلك بالبعد عمن أصيب بمرض يخشى انتقاله منه إلى الصحيح بإذن الله سبحانه وتعالى، كالجرب والجذام، ومن ذلك عدم إيراد الإبل الصحيحة على الإبل المريضة بالجرب ونحوه؛ توقيًا لأسباب الشر وحذرًا من وساوس الشيطان الذي قد يملي عليه أنما أصابه أو أصاب إبله هو بسبب العدوى).