قسم الطب و التداوي
حكم إجراء التجارب الطبية على الإنسان للوصول لعلاج للوباء
الشريعة الإسلامية تؤيد العلم وتدفع بالإنسان للتفكر والتدبر في الكون، وإجراء التجارب لاكتشاف ما به من دلائل وأسرار وعلوم ومعارف تسهم في حل مشكلاته الصحية وإيجاد العلاج الذي به تحيا النفوس وتصح، قال سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [سورة المائدة:32].
وتنقسم التجارب الطبية التي تُجرى على الإنسان إلى قسمين:
القسم الأول: تجارب لا تضر بالإنسان أو ضررها قليل يمكن السيطرة عليه:
وحكم إجراء التجارب على بعض البشر للاستفادة من نتائجها في خدمة الإنسانية فيه إحياء للآخرين، ورعاية لمصالحهم الصحية، فجاز بهذا الاعتبار.
وجاءت السنة النبوية الشريفة تحض على التجربة العلمية غير الضارة بالإنسان، ومن ذلك:
- ما رواه أسامة بن شريك في الحديث الصحيح الذي رواه أهل السنن قال:" قالت الأعراب يا رسول الله ألا نتداوى ؟ قال: نعم، يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء، أو قال: دواء، إلا داء واحد، قالوا: يا رسول الله وما هو ؟ قال: الهرم".
حيث دل الحديث أن الله سبحانه وتعالى ما خلق داء إلا خلق معه دواء، ودعا الناس للبحث عن علاج أسقامهم وهذا يحتاج إلى التجربة تلو الأخرى ليتأكد نفع الدواء ونجاعته للمريض. - كما أن مقاصد الشريعة تدفع للقول بجواز إجراء التجارب ومشروعيتها للوصول بالإنسان إلى مراقي الصحة والعافية، فإن حكم الوسائل متعلق بحكم المقاصد، لسعيها لجلب مصالح الناس وتحقيق أهدافهم وغاياتهم، ومن أسماها حفظ صحة الإنسان.
وبما أن هذا النوع من التجارب لا ضرر فيها على الإنسان ولا يشكل خطرًا يهدد حياته جاز بل واستحب لما فيه من خير ومنفعة تعود على صحته.
القسم الثاني: تجارب تضر بالإنسان وتلحق الأذى بنفسه أو بعضو من أعضاءه: وحكم مثل هذه التجارب عدم الجواز، لأنها تتعارض مع مقاصد الشريعة في حفظ حياة الإنسان وحقه في الوجود والتنعم بصحة وعافية، وفيها اعتداء عليه وهدم لبنيته وإهدار لصحته، وقد حرمته الشريعة وكذا القوانين الدولية والقيم الأخلاقية مهما كانت أهمية هذه التجارب ونتائجها المترتبة عليها، كما لا يجوز أن تجرى على الإنسان مطلقًا؛ لأنه من العبث والإفساد المنهي عنه في شرعنا بغض النظر عن لونه أو دينه أو عرقه، احترامًا لآدميته وكرامته عند الله سبحانه وتعالى، فقال سبحانه وتعالى: {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}[سورة المائدة:32]، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إلحاق الضرر والأذى بالناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، رواه البيهقي في سننه، وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه.
وبما أن هذه التجارب تلحق الأذى والضرر بالإنسان فهي محرمة ولا يجوز إجراءها على الإنسان خاصة ولكن لا يمنع من إجراءها على غيره من الأحياء الذين لا حرمة لحياتهم كالحيوانات التي تخصص للتجارب، والله سبحانه وتعالى أعلم.
رابط مراجع تلخيص المسألة