قسم المعاملات
الأحكام المترتبة على حظر التجول : خيار العيب
خيار العيب: هو أن يكون لأحد العاقدين الحق في فسخ العقد أو إمضائه إذا وجد عيب في أحد البدلين، ولم يكن صاحبه عالمًا به وقت العقد.
ويثبت في العقود اللازمة التي تحتمل الفسخ، كعقد البيع، والإيجار، وقسمة الأعيان والصلح على عوض عيني.
أما مشروعيته فيدل عليها:
- قول النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم، لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعًا، وفيه عيب، إلا بيَّنه له"، رواه ابن ماجة، وقال الألباني: صحيح.
- مرّ النبي صلى الله عليه وسلم على صبرة من طعام، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا، فقال: يا صاحب الطعام، ما هذا؟، قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس، ثم قال: من غش فليس منا، رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
ويثبت خيار العيب متى ظهر العيب ولو بعد العقد بزمن طويل، أما فسخ العقد بعد العلم بالعيب فورًا أو على التراخي ففيه رأيان للفقهاء:
- خيار الرد بالعيب على التراخي، ولا يشترط رد المبيع على الفور؛ فهو لدفع الضرر، ولا يبطل بالتأخير؛ لأن الحقوق لا تسقط إلا بإسقاطها، أو بانتهاء الوقت المحدّد لها، وليس لهذا الحق وقت محدد، وهو قول الحنفية والحنابلة رحمهم الله.
- يجب الفسخ على الفور بعد العلم بالعيب؛ وذلك حتى لا يلحق العاقد الآخر ضرر من التأخير، فإذا تأخر في رد المعقود عليه بدون عذر سقط حقه ولزم العقد، وهو قول المالكية والشافعية رحمهم الله.
وعليه فلو اشترى شخص من آخر سلعة معيبة، ولم يعلم بها إلا بعد قبضها، ولما أراد أن يعيدها فُرض حظر التجول، وحال بينه وبين ذلك، فهل يلزمه العقد أم أن حقه في الرد يبقى محفوظًا له؟
هذا مَبْنيّ على الخلاف في الرد بالعيب هل هو على الفور أم على التراخي، والصحيح: أن خيار العيب يثبت للعاقد على التراخي؛ لأنه إذا ثبت بالشرع لدفع الضرر، فإنه قد لا يندفع على الفور، فلا يبطل الخيار مع تأخير الرد، لكن ينبغي أن يكون التأخير إلى ثلاثة أيام فقط، ولعذر؛ لأن بعض البضائع لها وقت تتوفر الرغبة فيها عند الناس فتكون مرغوبة في فترة دون أخرى، فإذا أخرها المشتري بلا عذر فقد تنخفض القيمة فيتضرر البائع لذلك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، رواه البيهقي في سننه، وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه ، فلا بد من مراعاة مصلحة الجانبين، والتراحم بين المسلمين.
وبناء على ما سبق فلو اشترى شخص من آخر سلعة معيبة، ولم يعلم بعيبها إلا بعد قبضها، ولما أراد أن يعيدها فُرض الحظر وحال بينه وبين ذلك، فإن العقد لا يلزمه، وخياره في الرد محفوظ؛ لعذر الحظر.
رابط مراجع تلخيص المسألة