شارك

قسم العبادات

حكم الاعتكاف في البيت بسبب جائحة كورونا

شارك

أولا: مشروعية الاعتكاف:
الاعتكاف مشروع بالكتاب والسنة والإجماع.

1) الكتاب:
• قال تعالى: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) [البقرة:125].
• وقال تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) [البقرة:187]
2) السنة:
فأحاديث كثيرة؛ منها: حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ) [رواه البخاري (2026)، ومسلم (1172). [
3) الإجماع:
فقد نقل غير واحد من العلماء الإجماع على مشروعية الاعتكاف، كالنووي وابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم.

ثانيا: حكم الاعتكاف:
الأصل في الاعتكاف أنه سنة وليس بواجب، إلا إذا كان نذرا فيجب، والدليل على ذلك:
• قول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ) [رواه البخاري) 6696)].
• عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: (أنَّ عُمَرَ سألَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: كنتُ نَذَرْتُ في الجاهليَّةِ أن أعتكِفَ ليلةً في المسجِدِ الحَرامِ. قال: فأوفِ بِنَذرِك) [رواه البخاري (2032)، ومسلم (1656)].
قال ابن المنذر: "وأجمعوا على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضا إلا أن يوجبه المرء على نفسه نذرا؛ فيجب عليه".

ثالثًا: حكم الاعتكاف في البيت بسبب جائحة كورونا:
الاعتكاف من الأعمال المشروعة في العشر الأواخر من رمضان للرجال والنساء ، وهو سنة بما ثبت عن النبي ﷺ وعن أزواجِهِ، وأصحابِهِ.
إلّا أنّ العلماء قد أجمعوا على أن اعتكاف الرجل والمرأة لا يكون إلا في المسجد، واستدلُّوا لذلك بقول الله سبحانه: ﴿وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: 187]، وبفعل النبي ﷺ؛ فإنّه لم يعتكف رسول الله ﷺ إلا في مسجده.
وعلى هذا؛ فلا يُشرعُ الاعتكافُ في البيت في العشر الأواخر؛ لما سبق.

ولزوم الرجل والمرأة البيت: لا يُعدّ اعتكافًا شرعيًّا، لكنْ لهما ثوابُ التّفرُّغ للذّكر والعبادة وتلاوة القرآن.
وهو مذهب جماهير العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.

وفي المسالة قول آخر؛ وهو قول قال به بعضِ المالكية: أنّه يجوز للرّجلِ الاعتكاف في غير المسجد، وعند بعض الحنفية أنه يجوز للمرأة الاعتكاف في مسجد بيتها خوفًا عليها من الفتنة، ولكراهة خروجها عندهم إلى المسجد.

وقد ذهب إلى هذا القول بعض المعاصرين، فاشترط بعضهم أن يكون اعتكافه في مسجد بيته ومصلاه، ولم يشترط ذلك آخرون.
ودليلهم: أنّ هذه الجائحة لم تترك للمعتكف الخيار بين البيت والمسجد، وقد امتنع جميعُ الناس عن ذلك بسبب الحظر المنزليّ؛ فجاز ذلك للتّيسير عليهم؛ على النّحو المذكور آنفًا.

وما ذهب إليه الجمهور: أصحُّ؛ لما سبق.
والله أعلم.

رابط مراجع تلخيص المسألة